news-details

كلمة الاتحاد| حين نتناول المخاطر البيئية يجب أن نبدأ بالرأسمالية

الكارثة البيئية التي تضرب معظم ساحل البلاد على البحر المتوسط، سببها المباشر تلويث بمواد نفطية قُذفت او تسربت  من إحدى السفن، ناقلات النفط، لكن سببه الاشمل والاعمق هو الاستهتار الذي يقترب من الجريمة بمتطلبات حماية البيئة بكل نواحيها، بما فيه البحرية منها.

وهذا يعود أولاً الى تقدّم معايير الربح بمفهومه الرأسمالي على اي معيار اخر. وفي هذا الاطار يأتي التقصير الهائل في تطوير مصادر الطاقة البديلة، الخضراء، والابقاء على المصادر الملوثة التي تهيمن عليها كبريات الشركات الامبريالية العابرة للقارات، وفي مقدمتها النفط والغاز. فما يحكم هنا ليس البحث عما يحمي البشر من خلال حماية الكوكب الذي نعيش فيه، ولا رؤية الصالح العام قبل المصالح الضيقة، ولا الخير العام قبل الربح الخاص، بل العكس تماما.

من هنا، فإن تصريحات رئيس الحكومة والوزراء عن تفجّعهم من الكارثة البيئية ينطوي على كثير من النفاق. وإن كانوا غير مسؤولين مباشرة عن هذا التسرب الملوث عينيا، فهم في الجوهر والممارسة شركاء في سياسة سلطوية عالمية تصرّ على الانصياع لعمالقة الطاقة الملوثة بدلا من تشجيع وتمويل واعتماد الطاقة الخضراء كالطاقة الشمسية مثلا، او اعادة تدوير نفايات بحجم واسع يتيح انتاج الطاقة منها. ويفيد تقرير خاص لمراقب الدولة العام الماضي أن إسرائيل لم تلتزم بما تعهدت به، ولا بما قررته بنفسها، في مجال التوجه الى الطاقة البديلة.
ان هذه الكارثة يجب ان تشكل منعطفا نحو تغيير شامل وعميق في سياسات الطاقة، وبالتالي شكل التعاطي مع مسائل البيئة، التي لا تشكل مجالا للترف الفكري والسياسي بل هي القضية رقم واحد المتعلقة، ليس فقط بمصير البشرية البعيد، بل بسلامة وجودة حياتها وظروفها على نحو يومي. إن العبرة الاعمق هي ان استمرار هيمنة العقيدة الرأسمالية المنفلتة بالضرورة على الدوام لأن منطقها الداخلي هو محرك الجشع، والبحث عن الربح كهدف أوّل، هو أكثر ما يؤدي الى تفاقم الخطر البيئي. فحين نتحدث عن أسباب المخاطر البيئة يجب ان نبدأ بالرأسمالية.

أخبار ذات صلة