news-details

وثن الأمن وألاعيب السياسة!

ما يفعله بنيامين نتنياهو من استخدام للملفات الأمنية، لدرجة كشف معلومات حسّاسة في المعجم الرسمي، لخدمة مصالحه الشخصية والحزبية، ليس مستغربا بالمرة. فقد سبقه مرشحون كثر لرئاسة الحكومة الى هذه الممارسة وهذا التكتيك. لملمة الأصوات بعملة الدم لم يخترعها زعيم اليمين الحالي.

فرئيس الحكومة الأسبق (من الليكود) مناحيم بيغن أطلق عملية قصف ما وُصف كمفاعل نووي عراقي في حزيران 1981 لأغراض انتخابية. ومثله شمعون بيرس رئيس الحكومة الأسبق (من العمل) أشعل في نيسان 1996 عدوان "عناقيد الغضب" على لبنان الذي اشتمل على مجزرة قانا لنفس الغاية.

لا تكمن المشكلة في سياسيين مقامرين بالدم فقط، بل إن المشكلة راسخة بعمق في بنية سياسية يحتل فيها الأمن المركز والصدارة، والمعيار الأهم، والوثن الذي تتحلّق حوله رقصات الموت الهمجية. هذا "الأمن"، الذي لا تربطه أية علاقة ولا أية صلة قرابة بمفاهيمه الحقيقية، حين يتم تناوله في سياق هذه الدولة، هو ما يغري النهمين للسلطة باستخدامه وتطويعه وفقا لما يحتاجه رصيدهم الانتخابي.

لذلك، فإن حزب الجنرالات غانتس-يعلون-أشكنازي لا يقنع أحدًا (غير جاهل!) في التباكي على ما يقوم به نتنياهو من ألاعيب واستخدامات انتهازية لمعلومات استخباراتية سرية وكشف عمليات توضع عادة تحت قناع السرية. فهم شركاء كاملون في إنتاج هذا الواقع وما يفرزه، وهم من بين من تولى رأس هرم المؤسسة العسكرية التي تعتاش أصلا على هذه الوثنية القاتلة!

على المجتمع الاسرائيلي التيقّظ والإدراك بأن الخروج من هذه الدهاليز المعتمة العفنة لا يتم سوى بإعادة مفهوم الأمن الى معناه، وهو ما لن يتم طالما استمر الاحتلال والتوسع والاستيطان والغطرسة في تشكيل أبرز ملامح المؤسسة الحاكمة في هذه الدولة، التي تنحدر كل يوم أكثر فأكثر نحو هاوية الفاشية.

أخبار ذات صلة