news-details

النقابي ماجد أبو يونس: مهمتنا الآن هي تنظيم النضالات العمالية | حاوره: شادي نصار

في ظل جائحة الكورونا، عادت النضالات من أجل الخبز والعمل إلى واجهة الأحداث، فبعد سلسلة من التقييدات في الحركة، الإغلاق التام والشلل العميق في سوق التجارة محليًا وعالميًا، خسر أكثر من مليون عامل وظيفته التي كانت تؤمّن له أساسيات الحياة من مسكن ومن قوت للعائلة، وقد واجهت آلاف المصالح الصغيرة والمتوسطة خطر الإفلاس في ظل الظروف المذكورة، وفي ذات الوقت واجه المستقلون من السوق الخاص خطر البطالة مثلهم مثل غالبية العمال من القطاع العام والقطاعات الأخرى.

تحت نير هذه الظروف القاهرة، أعيد تسليط الضوء نحو شرائح المجتمع القابعة بعيدًا تحت خط الفقر، حيث عادت معاناة هذه الشرائح إلى مركز الأحداث، بعد أن وقع مئات الآلاف من المستقلين وأبناء الطبقات الوسطى إلى ذات الحيّز من المعاناة الاقتصادية في ظل جائحة الكورونا.

 ورغم هذه الظروف الجماعية القاهرة الّا أننا لم نلحظ حتّى هذه اللحظة نضالًا جماعيًا يحمل صوت كل شرائح المجتمع المتضررة، في الوقت الذي تستفحل فيه حكومة اليمين المتطرف في العمل وفقًا لسياستها النيو-ليبرالية التي تسعى وباستمرار لحماية أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة الذين يشكلون المصدر الأساسي لتمويل نشاطهم السياسي، وكل ذلك على حساب المستضعفين الذين كبرت قاعدتهم في ظلّ الأزمة بشكلٍ غير مسبوق.

 لقد ظهرت في الآونة الأخيرة نضالات مشرفة للمستقلين وللعاملات الاجتماعيات والحاضنات ومجموعات صغيرة أخرى، ولكن هل يمكن لهذه النضالات المتفرقة أن تعود على الشرائح المتضررة بالفائدة أم أنها ستقع ضحية لسياسة اليمين المتمثلة بشعار "فرّق تسُد"؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال أجرت صحيفة الاتحاد مقابلة مع النقابي الشيوعي الرفيق ماجد أبو يونس.

 

"الاتحاد": ما هي أهم آثار جائحة الكورونا على شريحة العمال، وما هو حجم البطالة اليوم؟

أبو يونس: جائحة الكورونا كان لها أثر كبير في مؤشر البطالة التي عانى منها بشكل بارز شرائح المستضعفين الموجودين تحت خط الفقر، وعلى رأسهم بالطبع عمال المجتمع العربي.

 من المهم أن نوضح بأنّ مؤشر البطالة في مجمل البلدات العربية ارتفع بأضعاف كثيرة، هناك تفاوت واضح بين البلدات العربية ولكنّ المعدل يشير إلى ارتفاع بأكثر من 8-10 أضعاف، لسنا موجودين في مكان واضح وثابت وبالتأكيد فانّ التغييرات التي تحدث على نطاق الأزمة والتقييدات الناتجة عنها ستؤثر بشكل مباشر على وضعية البطالة وحيزها، لقد كان مؤشر البطالة في البلدات العربية ما قبل الجائحة يتراوح ما بين 8% الى 10%، أمّا الآن فإن النسبة قد تضاعفت في بعض البلدات لتصل إلى أكثر من 40%.

 من الواضح للجميع أن هذا الكم الكبير من المُعطَّلين عن العمل لن يتقاضوا خلال الأزمة أكثر من 60% من معاشهم الأصلي في أحسن الأحوال، وهذا بالطبع سيؤثر فورًا على المجموعات الأكثر فقرًا وعلى شريحة الأطفال من بين الفئات العمرية المختلفة، أكثر من 74% من المُعطّلين تم اخراجهم من العمل تحت مظلة "إجازة مدفوعة الأجر" على حساب أيام الإجازة السنوية الخاصة بهم، هذا النوع من الاستغلال يصيب الحقوق الأساسية للعامل في حياته الخاصة خارج العمل، في ذات الوقت فإنّ آلاف المتاجر والمصالح تواجه خطر إغلاق أبوابها وبهذا فإننا سنواجه جميعا خطر البطالة المستديمة.

 

"الاتحاد": كيف يمكن تلخيص دور النقابة العامة "الهستدروت" في معالجة الأزمة؟

أبو يونس: الهستدروت تملك موقفًا عامًا بالمشاركة في حمل الهم الذي أنتجته الأزمة على قطاع العمل، تدافع عن العمال المنتسبين إليها وتحاول جاهدة المرافعة عن حقوقهم وقيادة نضالاتهم مثل نضال العاملات الاجتماعيات اللواتي يعانين من عدة نقاط صعبة بالأجور وظروف العمل، من جهة، ومن الجهة الأخرى هناك ترهّل واضح في بناء نضال شامل وحقيقي يجمع تحت طياته مختلف الشرائح العاملة، وأيضًا لا يمكن أبدًا تجاهل التأثير السياسي الذي تشنه أحزاب السلطة على قيادة الهستدروت ومركباتها المختلفة من أجل ضمان عدم الالتماس ما بين النضالات العمالية والقرارات الحكومية.

 

"الاتحاد": من يتحمل مسؤولية قيادة وتشكيل النضال العمالي الحقيقي المطلوب في ظل هذه الأزمة؟

أبو يونس: من الواضح أن الأجسام الثورية العمالية ليست متوفرة بكثرة لا في الكنيست ولا في الهستدروت، ومن هذا يمكن الإشارة إلى الدور التاريخي المهم الذي يتحمله الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية والشبيبة الشيوعية الآن بالذات، انّ على هذا التيار الذي يؤمن بالنضال الطبقي أن يضع كل جهوده الى جانب الشرائح العمالية المختلفة التي نراها تخرج إلى الشارع مطالبة بحقوقها الطبيعية، وعلى هذا التيار أن يسلك نهجًا مستمرًا في تنظيم العمال داخل الهستدروت وخارجها، وأن يستغل الأحداث المتراكمة من حوادث العمل وظروف المعيشة الصعبة وصولًا الى الأزمة التي أنتجتها جائحة كورونا من أجل صهر هذه النضالات العمالية المختلفة في بوتقة كفاحية واحدة، كل هذا بحاجة الى عنصر داخلي أساسي في تيار الحزب والجبهة ألا وهو التنظيم وفقط التنظيم كما أسماه لينين " العتلة التي تقلب الصخرة".

أخبار ذات صلة