news-details

كلمة "الاتحاد"| وزننا السياسي في خدمة حقوق شعبنا وجماهيرنا

إن مجرّد الموافقة على الخوض في غمار السياسة، نشاطًا أو عملاً أو نقاشًا، يتطلب من المرء اعتماد مكاييل السياسة ومقاييسها، وليس سواها. فلا يصح السلوك كمن يحضر معه المعول والطوريّة إلى المنجرة ولا المطارق والمناشير والمسامير والصمغ إلى الحقل والبستان.

من يريد الخوض في السياسة معلنًا أنه، مسبقًا ونهائيًا، لن يسوس ولن يتجادل ولن يتداول حتى لو وافقت الحال وظروفها مطالبه وغاياته، فهو كما يبدو يتواجد في العرس الغلط، ولربما كانت القاعة التي يقصدها في طابق آخر من العمارة.

هناك فرق شاسع حد التناقض بين القول إننا نرفض استخدام وزننا السياسي في سؤال تشكيل القوة التي ستحكم الدولة في السنوات الربع – افتراضًا – القادمة، هكذا لأننا نرفض الأمر مطلقًا وجوهريًا؛ وبين القول إننا لن نمد يدًا لا بل إصبعًا لأحد لأن لا أحد يستحق ويستأهل ويستوفي دعمنا، طالما يرفض مطالبنا في قضية السلم والحق والعدل لشعبنا والمساواة والتكافؤ والعيش الكريم لجماهيرنا هنا التي هي جزء حي من شعبنا.

من الخطأ والظلم السماح لأيّة جهة، سياسية كانت أم إعلامية، عربية أم عبرية أم غيرها، بتصوير موقف الجزء الغالب والوازن والمركزي من الجماهير العربية الرافض للتوصية على أي زعيم سياسي إسرائيلي، بسبب مواقفه، على أنه رفض غوغائي جارف لاعقلاني ولا معقول. يجب أن تكون الجهود منصبّة على الاستفادة السياسية من الموقف السياسي القائل: ليس هناك من يستوفي مطالبنا وشروطنا ولهذا لن نوصي على أحد ولن نساهم بوزننا بطريق غير مباشرة حتى، للدفع بأحد نحو الحكم.

أما جعل الأمور في نصاب ضيّق وسطحي وضحل بالأسود والأبيض على نمط مع التوصية وضد التوصية هكذا فقط دون تحليل ولا جدل ولا تأمل ولا تعمّق، فهذا ليس مبدئية ولا راديكالية بل سلوك ملؤه التسرّع والعصبيّة وربما نوع من الشعبوية أيضًا.

جماهيرنا تريد ممن يمثلها أن يخدمها ويجلجل صوتها ومواقفها ومطالبها بقوة وكرامة وحكمة وواقعية معًا. هذا يقينًا لا يعني الخنوع والتبعية المتذللة التي تتنازل عن الخوض في مسائل السياسة الكبرى مقابل فتات او كنوز حتى؛ لكنه لا يعني أيضًا التنازل الطوعي عن الاستثمار السياسي للموقف السياسي وطرحه في سوق أسهم المزايدات التي تقترب من الصبيانية لدى بعض البعض أحيانًا!

أخبار ذات صلة