news-details

حكومة نتنياهو وقوانين الانتقام حتى من العمال ومن يقوم بتشغيلهم

صادق الكنيست الإسرائيلي في الـ20 من ايار الحالي، مع افتتاح دورته الصيفية، على تعديل قانون "الدخول الى اسرائيل (تعديل رقم 39)، بحيث يشمل هذا التعديل عقوبات غير مسبوقة على كل من ينقل او يُشغل أو يٌسَكّن عامل فلسطيني من الأراضي المحتلة، وكان قد جرى بحث هذا الطلب في التاسع عشر من شهر آذار الماضي، بداية في "لجنة الأمن القومي" الذي تقدم به رئيسها عضو الكنيست تسفي فوغل، عن كتلة الليكود والائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو وكتلة "اسرائيل بيتنا" التي يرأسها افيغدور ليبرمان، وصادق عليه الكنيست يوم 20 أيار الحالي بتأييد كتل الائتلاف والمعارضة.

 ووفق التعديل يجري السماح للجهات المختصة عن تنفيذه، منها الشرطة والمحاكم بتشديد العقوبات على مخالفات نقل، أو ادخال أو تشغيل عمال فلسطينيين بدون تصريح عمل. يشمل هذا التعديل للقانون في حال القاء القبض على من يقوم بنقل عمال بدون تصريح أو تشغيلهم او اعطائهم مكان للسكن، فرض عقوبات منها مصادرة سيارة من يقوم بنقل عامل او عمال فلسطينيين بدون تصريح يحملونه، أو مصادرة بيت أو أموال وغيرها ووفق نص التعديل جاء ما يلي:

"تأمر المحكمة بما يلي:

بالإضافة إلى أي عقوبة، سيتم مصادرة الممتلكات كما هو مفصل أدناه:

(1) الممتلكات المتعلقة بالجريمة التي تكون في حيازة أو سيطرة أو حساب

الشخص المدان، بما في ذلك محل الإقامة أو العمل الذي ارتكبت فيه الجريمة؛

(2) ممتلكات الشخص المدان بما يعادل الممتلكات المتعلقة بالجريمة." هذا يعني اعطاء صلاحية منفلتة بمصادرة سيارة الذي يقوم بنقل عامل/ عمال فلسطينيين دون اعادتها لصاحبها، أو مصادرة البيت الذي يسكن فيه هؤلاء العمال ناضافة الى فرض غرامات مالية باهظة، بل ومصادرة ايداعات الشخص في البنك او في السوق المالي وغير ذلك من العقوبات.

كل هذه الإجراءات التشريعية أتت تحت شعار "الأعمال العدائية" التي يقومون بها "غير المقيمين"، أي العمال الذين يعملون بدون تصريح عمل في سوق العمل الإسرائيلي، ووفق المعلومات التي رشحت عن جهات أمنية لم يقم عمال من الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال عملهم في سوق العمل الإسرائيلي "بأعمال عدائية" وفق ما جاء في تسويغ القانون، وان حدثت فهي أعمال بنسبة تكاد لا تذكر بالمقارنة مع العدد الكبير الذي كان يعمل في سوق العمل الإسرائيلي قبل السابع من اكتوبر / تشرين أول 2023، حتى أن العديد من المختصين في هذا المجال من الجانب الإسرائيلي استغربوا تشريع هذا التعديل للقانون المدعو "قانون الدخول إلى إسرائيل- 1952”.

 لذلك فإننا نعتبر هذا التعديل القانوني وفرض هذه العقوبات التي تسلب كل من يتعامل مع تشغيل عامل او عمال فلسطينيين سيارته أو بيته أو مدخراته المالية ما هو، الا فلتان يميني متطرف من قبل حكومة اليمين التي يقودها بنيامين نتنياهو، تحت طائلة القانون، يحمل في طياته روح الانتقام من العامل ومن المُشغّل، بل ويتنافى مع تصريحات نتنياهو والجهات التي تطالب بل وتعلن عن ضرورة تشغيل عمال فلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي.

هذا التشريع ينساق مع حالة الصدمة التي تعيشها هذه الحكومة اليمينية خاصة بل وما يسمى بالمعارضة الصهيونية منذ عدة أشهر… هذه الصدمة التي تدفع هؤلاء الى الانطلاق بتشريع قوانين في معظمها تحمل في طياتها روح الانتقام!؟

للتذكير فقط، وفق القانون الدولي واتفاقيات العمل الدولية على الدولة التي تقوم باحتلال أراضي غيرها توفير فرص عمل وأماكن عمل لكل طالب عمل يقع تحت هذا الاحتلال، لكننا لا نستغرب قيام برلمان الدولة المُحتَلّة بتشريع قوانين عقابية للعمال والمشغلين، بدلا من القيام بتنفيذ القانون الدولي بتوفير اماكن عمل لهؤلاء العمال الذين يضطرون للمجازفة بحياتهم من أجل البحث عن لقمة العيش الكريم حتى بدون تصريح عمل من الجهات المُحتَلة.

يكفي أن نذكر هنا وبسبب الضائقة التي يعيشها العمال من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ السابع من أكتوبر 2023، والغاء تصاريح عملهم، وفرض الحصار عليهم، قيام عدد كبير منهم بسحب مدخرات التقاعد بحثاً عن مصدر لتوفير الخبز لعائلاتهم، ففي جلسة "لجنة العمال الأجانب" برئاسة عضو الكنيست الياهو رفيفو من الليكود يوم 20 أيار الحالي اتضح أن هذه الأيام هناك حوالي 8 آلاف فلسطيني عامل حصلوا تصاريح عمل، مقابل 104 آلاف عامل ما قبل السابع من أكتوبر الماضي، وأن عدم إدخال عمال فلسطينيين للعمل في فرع البناء الإسرائيلي يؤدي الى خسارة 3 مليارات شيكل كل شهر، وفق تصريح نائب كبير الاقتصاديين بوزارة المالية أساف غيفع، وفي الجلسة نفسها، صرحت المحامية إفرات ليف - اريه من ادارة العمال الأجانب في دائرة السكان بأنه:

"منذ بداية الحرب، تم تلقي 73,908 طلبات من العمال الفلسطينيين للسحب المبكر لصناديق التقاعد"، أي حوالي 72% من العمال الفلسطينيين قاموا بسحب مبكّر لما ادخروه في صناديق التقاعد، مما يعني خسارة حوالي 20 -30 % من تلك المدخرات.

 تخبط حكومة اليمين بما يتعلق بالعمال الفلسطينيين واتخاذ سياسة تجويعهم بادعاء انهم يشكلون خطرًا أمنيًا، وتدعيم هذا الادعاء بتشريع قوانين عقاب صارمة على المُشَغّل وعلى العامل ما هو الا اعلان افلاس لهذه الحكومة وضربها عرض الحائط بالقانون الدولي كما تفعل في مختلف المجالات.

 

 

صورة أرشيفية ملتقطة يوم 26 نيسان 2022: عمال فلسطينيون ينتظرون لعبور حاجز بيت حانون بين شمالي قطاع غزة وإسرائيل. (شينخوا)

أخبار ذات صلة