news

الزيدي.. شخصية السنة

قبل ايام معدودة، اختارت مجلة "تايم" الامريكية، باراك اوباما شخصية السنة. ولكن لو تسنى للصحفي العراقي منتظر الزيدي، قذف جورج بوش بحذائه قبل ثلاثة اسابيع فقط، لكان المرشح الاول بدون منافس لاختياره شخصية السنة. على كل حال هو كذلك بالنسبة للشعب العراقي وبالنسبة لنا. لأنه اثلج صدور الملايين من العراقيين والعرب وكل شعوب العالم، وتحول مشهد الحذاء الطائر الاكثر شيوعيا في العالم والاكثر اثارة، لأنه النهاية التي يستحقها بوش.
وبالقدر الذي افرح الزيدي الملايين، فان بوش في عودته الى العراق افسد على افراد عائلته وعلى والديه فرحة عيد الميلاد، فيما تتمتم امريكا "اما لهذا الليل الدامي من آخر"؟! كم هي طويلة تلك الاسابيع التي سيبقى فيها بوش رئيسا، وربما يفكر المقربون منه بالخروج لإذن سنوي والسفر الى الاسكا وتركه في تمتمة. لأنه لم يكن فقط شبح الموت والدمار في العراق وافغانستان، وانما مصدر ازعاج حتى للمقربين منه حتى ان جون ماكين، مرشح الجمهوريين لرئاسة الولايات المتحدة كان حريصا الا يظهر مع بوش في صورة واحدة. ومما يثير الدهشة ردة فعل بوش على رمي الحذاء في وجهه التي قال فيها "ان الزيدي اراد شد الانتباه اليه"! ومع قناعتنا الراسخة بان الدافع ليس كذلك ابدا، فاننا نتساءل والجواب لدينا، من هو الذي يميل الى شد الانتباه لنفسه أهو الزيدي ام بوش، الذي يجتهد دائما لاظهار بشاعته من خلال عودته الى العراق في آخر ايام له في الرئاسة، لالتقاط بعض الصور التلفزيونية.. اظن ان عمق غباء هذا الانسان لا يسمح له باستيعاب فشله. لذلك كان رد فعله كما لو انه جابه تلميذ مدرسة مشاغبا وحيدا.
ولكن هكذا هم المحتلون، هكذا هم الطغاة، منذ لويس السادس عشر وما قبله حتى تشاوشيسكو وما بعده، يعتقدون ان الذين في المظاهرات ويطالبون بانقلاعهم، وحتى لو كانوا ملايين، فانهم بالنسبة لهم ليسوا سوى قلة غير مسؤولة من المعاتبة!!
ومن الامور المغيظة والمضحكة في آن، التي وردت في ذهني بعد حادثة "الصرماية" ان مسؤولي البيت الابيض ومسؤولين دوليين آخرين كانوا يتسللون خلسة الى العراق.. في البداية يصلون الى قاعدة عسكرية، ثم ينتقلون بواسطة طائرة هليكوبتر الى "المنطقة الخضرا"، حيث ينتظرهم الدمى العراقية، ان كان ذلك رئيس الدولة او رئيس الوزراء. ثم يعقدون مؤتمرا صحفيا بهيجا، يمتدحون فيه انجازاتهم، خاصة في مجال "استتباب" الامن، ومن ثم يوبخون الصحفيين الذين "لا يرون او يتجاهلون أية علامة واضحة من النجاح"!!
ولكن سواعد المقاومة كانت احيانا تصفعهم في اللحظة التي يتكلمون فيها. مثلما حدث مع بان كي مون السكرتير العام للامم المتحدة، عندما كان يصيح في المنطقة الخضراء في قلب بغداد باستتباب الامن، وإذا بوابل من القنابل تنفجر بالقرب قاعة المؤتمر الصحفي، مما اضطر رجال الامن الى طرحه ارضا باخفائه وراء الطاولة حيث الزهور المصطنعة عليها.
هكذا، ايضا لدى زيارة تشيني، نائب بوش، عندما بان في المنطقة نفسها، فدوت صفارات الانذار من خطر صواريخ المقاومة، الامر الذي دفعه الى قطع زيارته.
ربما يشعر الاحتلال، بعد الصرماية، انه عجوز منهك، وربما رأى بوش، لأول مرة منذ خمس سنوات في هيئة الحذاء المدفع الى وجهه، ما يفكر فيه العراقيون حقا وربما يعتبر من بعده، ومن حوله من حكام اسرائيل.

(مجد الكروم)