news

سليم الاحمد عبد الهادي

(1870-1915م)


واحد من الشهداء الذين أعدمهم جمال باشا، ولد في مدينة جنين، ودرس في مكاتبها ومكاتب مدينة نابلس، وعلى يد بعض علمائها، وقد حرص على تثقيف نفسه فأتقن العربية وآدابها وصار يجيد الإنشاء بها.
انتظم في بدء حياته العملية في سلك القضاء في نابلس ثم استقال مؤثرا العمل في الحقل الزراعي مع عمه حافظ باشا المحمد صاحب الأراضي الواسعة في قضاء جنين، وقد أصاب في الزراعة حظا وافرا من التوفيق. وباتصاله بالفلاحين وعشائر بيسان تبوأ منزلة اجتماعية مرموقة، فانتخب عضوا في مجلس إدارة قضاء جنين.
انتمى إلى جمعية تأسست في نابلس ولوائها مقاومة الرشوة والفساد و الاستبداد الإقطاعي باسم "الجمعية". وقد اتسع نفوذها رغم مقاومة بعض المتصرفين الأتراك. وأنجحت اثنين من مرشحيها في انتخابات مجلس المبعوثان العثماني، عن لواء نابلس هما توفيق حماد وشقيق صاحب الترجمة أمين الاحمد العبد الهادي.
عرف سليم الاحمد باهتمامه بنشر المعارف، وبسعيه لحمل الدولة على إنشاء مدرسة ثانوية في نابلس، وامتد نشاطه الاجتماعي إلى عشائر بيسان، ولا سيما الغزاوية فحين عزمت الحكومة العثمانية على تأجير أراضي الجفتلك، وهي الأراضي الواسعة المسجلة باسم السلطات في غور بيسان، أو بيعها أو منحها امتيازا لإحدى الشركات، بذل سليم الاحمد مجهودا عظيما للحيلولة دون ذلك استبقاءا لمزارعيها وخشية تسربها في المزاد إلى اليهود، وقد ألف شركة لهذه الغاية، أثمرت مساعيه وبقيت الأراضي في حوزة مزارعيها، واختارته اللجنة العليا لحزب اللامركزية التي كانت القاهرة مركزها معتمدا لها في جنين وحيفا.
فأسس فرعا لها في جنين وأسس نواة لفرع في حيفا داعيا إلى إدارة البلاد على قاعدة اللامركزية.
في يوم 30/7/1995م (19 رمضان-1333هـ) وردت برقية إلى قائم مقام جنين من والي بيروت تقضي بإرسال سليم محفوظا إلى الديوان العرفي بعالية بلبنان، ولكن سليما لم يتردد في تسليم نفسه واثقا من برائته، ولان حزب اللامركزية لم يكن سريا، وكانت باللامركزية مشروعة آنذاك. وقد قضى في سجن عالية عشرين يوما كان فيها مثالا لرباطة الجأش.
وفي تاريخ (20/8/1915م) اقتيد ورفاقه من عالية إلى دائرة الشرطة ببيروت حيث ابلغوا قرار الحكم عليهم بالإعدام شنقا، ووزعت عليهم أقلام لكتابة وصاياهم. وقد سلمت وصية سليم إلى أخيه وفيها يقول "أكتب هذه الوصية في الساعة الثامنة والنصف ( بالتوقيت العربي) في ليلة السبت الواقعة في 12 شوال ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين عربية حيث حكم علي بالموت في الساعة التاسعة من الليلة المذكورة، إني اكتب هذه قبل موتي بنصف ساعة، اكتب هذه واحد رفاقي المحكومين معي محمد المحمصاني، أخذ ليصلب واني لمسرور بلقاء الله سبحانه وتعالى". وبعد أن يقيم عمه حافظ وصيا على طفلته طرب، وكان عمرها أربع سنوات، وعلى زوجته يقول: " ليصرف عمي وولي نعمتي حافظ باشا من مالي الخاص ثلاثين ألف قرش منها خمسة آلاف إلى الفقراء المحتاجين والخمسة وعشرون ألفا يشتري بها قطعة ملك توقف على المعارف ويصرف ربعها على تعليم أبناء المستقبل".
ويوصي لأخيه وأختيه، بتسديد ديونه، ثم يطلب من زوجته المسامحة، وبعد تفصيلات حول الديون قال "كتبت هذه بقلم حديد، ومن التدقيق بالخط يعلم انه كتب جيدا، مما يدل على إنني استقبل الموت بصدر رحب، ذلك لأنني خرجت من هذه الدنيا مسلما مؤمنا بالله واليوم الآخر".
وبعد إعدامه نقلت جثته وجثث إخوانه عبد الكريم الخليل ومحمد ومحمود الحمصاني وصالح حيدر وعبد القادر الخرسا ونور الدين القاضي وعلي الارمنازي ومسلم عابدين ومحمود العجم ونايف تللو إلى عربات إلى مدينة الرملة بفلسطين، حيث دفنت الجثث وصارت المقبرة تدعى مقبرة الشهداء. وقد اشتهر سليم بشجاعته ومروءته وذكائه وحضور بديهته وشعبيته.



(جت- المثلث)