news

سمات مميزة تعكس عمق الازمة ولا تعكس مدلولاتها خيرا !

انتهت في هذا الاسبوع تقريبا المرحلة التمهيدية من مراحل الانتخابات البرلمانية للكنيست، مرحلة ترتيب البيوت وبلورة القوائم في مختلف الاحزاب اما عن طريق البرايمرز من خلال المنافسة على نطاق جميع المنتسبين لهذا الحزب او ذاك او من خلال المنافسة في هيئات ومؤسسات حزبية او من خلال اعطاء "مجلس الحكماء" من الربانيم في الاحزاب الاصولية الدينية اليهودية اليمينية المتشددة (الحريديم)، او من خلال تجميع فروع ساقطة من احزابها وتياراتها في قوائم "جديدة". وارفقنا الى جانب "انتهت" تعبير "تقريبا" لأنه بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة صياغة نهائية للقوائم التي ستخوض في نهاية المطاف المنافسة الانتخابية، لأنه قد تحدث تحالفات بين بعض التيارات او انسحابات وانضمامات اعضاء او كتل من هذه القائمة او تلك وتوجهها للاندماج مع قائمة اخرى. وقد برزت في بلورة مختلف القوائم من يمينها الى وسط يمينها ويسارها المزعوم في مختلف الاحزاب الصهيونية وكذلك في الاحزاب والحركات العربية، برزت ثلاث سمات اساسية مصدرها وقواعدها الخلفية يعكسان مدى عمق الازمة السياسية والاجتماعية التي تمر بها اسرائيل اضافة الى عوامل انتهازية ذاتية ونفعية مسوقة من السوق الاستهلاكية الرأسمالية المتوحشة. وهذه السمات الاساسية يمكن تأكيدها بما يلي:

 

اولا: انه اكثر من أي انتخابات برلمانية سابقة يبدو مدى عداء الاجماع القومي الصهيوني من اقصى احزاب التطرف اليميني الى احزاب يمين الوسط واليسار الصهيوني للسلام العادل المبني على انهاء الاحتلال الاستيطاني منذ السبعة والستين ودفع الثمن المطلوب بانجاز الحق الوطني الفلسطيني بالحرية والدولة والقدس والعودة والانسحاب من الهضبة السورية المحتلة ومن مزارع شبعا اللبنانية والفوارق بين هذه الاحزاب الصهيونية في الموقف من القضية السياسية المركزية هذه تنعكس في حدود التسوية، المزايدة حول مدى الانتقاص من ثوابت الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية والعربية بين قوى اليمين المتطرف والفاشية العنصرية من ايتام "ارض اسرائيل الكبرى" الداعين الى ضم جميع المناطق المحتلة الى اسرائيل وترحيل من يمكن ترحيله وتقديم بعض الحقوق المدنية للشعب والجماهير المستعبدة في ظل الاحتلال الكولونيالي، ويمثل هذا اليمين الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو ويسرائيل بيتينو ومختلف قوى اليمين المتطرف والفاشية العنصرية، وبين احزاب تنتقص من الثوابت الاساسية للحقوق الوطنية الفلسطينية مثل التنكر المطلق لحق العودة وتهويد القدس الشرقية مع اعطاء موطئ قدم لكيان فلسطيني هش مخصي السيادة الحقيقية لدولة قابلة للتطور والحياة، ويتبنى هذا الموقف دعاة "السلام الامريكي" من احزاب كاديما و"العمل" وميرتس التي لبست ثوب "اليسار الجديد" المزيف مؤخرا.

 

* ثانيا، اكثر من أي معركة انتخابية برلمانية سابقة تواجه معظم الاحزاب الصهيونية والعربية والاصولية اليهودية المتزمتة والحريديم ظواهر الانقسام – الطارد عن المركز، والاندماج - الجاذب الى المركز.

 

ثالثا: اكثر من أي انتخابات برلمانية سابقة للكنيست تعكس مختلف الاحزاب الصهيونية بشكل واضح طابعها العنصري حتى بالنسبة لخدام سياستها من العرب، فلأول مرة قد لا يصل أي عربي من حزب صهيوني الى الكنيست، ربما يصل خادم الليكود وسياسته القر ايوب القرا، ومن كاديما ربما يصل نائب الوزير من كاديما حكومة الكوارث وهبي مجلي. فالعرب في الاحزاب الصهيونية ليسوا اكثر من "شرابة خرج"، وسيلة للخدمة في تجنيد الاصوات و"شكلة بلاستيك" لتزيين وتزوير الوجه الحقيقي للاحزاب الصهيونية المعادية للعرب، مقابل ذلك تبرز حقيقة ساطعة على ارض الواقع السياسي والانتخابي ان القوة السياسية الوحيدة وقائمتها الانتخابية هي القوة السياسية الوحيدة التي تجسد وتعكس الشراكة اليهودية – العربية الحقيقية المبنية على المساواة التامة والانسجام التام في تبني وحمل برنامج سياسي – اجتماعي واحد في مختلف نواحي المعترك الكفاحي، هذه القوة هي الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة التي في مركزها الحزب الشيوعي، وقائمتها هي القائمة الانتخابية الاممية الوحيدة التي تجسد في هيكلها البنيوي وفي برنامجها الكفاحي الشراكة الحقيقية اليهودية – العربية في المعركة من اجل السلام العادل والمساواة التامة والعدالة الاجتماعية ومواجهة الفاشية العنصرية الداشعة هرولة في اسرائيل، هذه الجبهة التي اثبتت معارك الصراع والتطور مصداقية منهجها ونهجها الكفاحيين مصداقيتها هي في انطلاقة ملحوظة، "من الجبهة طلع القرار، انطلاقة لتحقيق الانتصار" بزيادة التمثيل الجبهوي.

 

في معالجة سابقة تعرضنا بالتحليل الى المخاطر الجدية من نزعة التحول في الخارطة السياسية – الحزبية نحو اليمين المتطرف والفاشية العنصرية واحتمال وصول هذه القوى برئاسة نتنياهو الى السلطة واهمية مواجهة هذه النزعة من اليوم برص صفوف الوحدة الكفاحية لقوى السلام والمساواة المناهضة للفاشية العنصرية وللاحتلال الغاشم ولسياسة الافقار الرسمية، لن نعود الى هذا الموضوع، ونكتفي في معالجة اليوم رصد وتحليل حراك التغييرات الحاصلة في بنية التيارات السياسية ومدلولاتها السياسية.

 

* مؤشرات بارزة:

اعصار الازمة السياسية – الاجتماعية في اسرائيل عكست آثارها على محور احزاب اليمين المتطرف والاصولية اليمينية المتشددة التي لم تنج من عمليات المخاض والانقسامات والاندماجات، كما سنرى. فحزب الليكود الذي يقود برئاسة بنيامين نتنياهو محور قوى اليمين المتطرف والفاشية العنصرية، هذا الحزب الذي يفصل زعيمه نتنياهو "بدلة" العودة لرئاسة الحكومة ويقوم بجولات عالمية الى فرنسا وغيرها بصفته رئيس الحكومة المرتقب، هذا الحزب بعد انتخاب قائمته التي شملت حوالي ربع اعضائها من معسكر فيغلين الفاشي العنصري في الاماكن المضمونة في الانتخابات التمهيدية في مركز الليكود، هذا الحزب انخفض في استطلاعات الرأي العام من ستة وثلاثين نائبا من محتملا في الانتخابات المقبلة الى ثلاثين نائبا الاسبوع الماضي، وتساويه مع كاديما التي اظهرت توقعات الاستطلاعات ارتفاع تمثيلها من ستة وعشرين الى ثلاثين نائبا. ولمواجهة هذا الوضع لجأ نتنياهو وحزبه ولضمان تعزيز مكانته الى وسيلتين اساسيتين، الاولى، الالتقاء مع افيغدور ليبرمان رئيس حزب يسرائيل بيتينو الفاشي الترانسفيري العنصري بهدف تنسيق الخطى واحتمال الاندماج والتحالف والثانية، تصعيد الهجوم على سياسة حكومة كاديما العمل واتهامها بالضعف وان لديه سياسة مختلفة اكثر يمينية وعدوانية، فهو من اجل اجتياح قطاع غزة عسكريا، وانه من اجل عدم الانسحاب من الجولان السورية، وعدم قلع المستوطنات الكولونيالية من الهضبة وذلك ردا على زيارة رئيس الحكومة اولمرت الى تركيا وتصريح الرئيس السوري بشار الاسد استعداده للمحادثات المباشرة مع اسرائيل والتوقيع على اتفاقية سلام اذا وافقت اسرائيل على المطلب السوري بانسحاب المحتل الى حدود الرابع من حزيران السبعة والستين بما في ذلك الشاطئ الشمالي الشرقي من بحيرة طبريا.

 

وقوة يمينية متطرفة اخرى من محور حلفاء نتنياهو هي تجمع "البيت اليهودي" الجديد الذي اعلن بعد حل حزب "المفدال" واندماجه مع "هئيحود هليئومي" المكون من "موليدت" و"هتكفا" ومختلف قوى الاستيطان والفاشية العنصرية. فبعد عدم انتخاب عضو الكنيست بيني ايلون من موليدت وتسفي هندل، اعلن عن انسحاب موليدت وهتكفا من "البيت اليهودي" واقامة كتلة منفردة تخوض الانتخابات. كما ان الاحتمال الوارد هو انقسام مرتقب في "يهدوت هتوراة" المكونة من "اغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراة"، حيث ستخوض كل منهما الانتخابات بقائمة منفردة. وهاتان القائمتان من حلفاء نتنياهو الليكود.

 

ولم ينج حزب "العمل" من التفسّخ، فاضافة الى خروج بعض رموزه وهبوط تمثيله المرتقب من 19 نائبا الى 10-12 نائبا فقد انسحبت كتلة "ميماد" من شراكتها مع العمل وانضمت الى "حزب الخضر" في قائمة موحدة.

 

اما "ميرتس" التي ضمت اليها شخصيات "نجومية" مثل الكاتب عاموس عوز والنجم التلفزيوني من القنال العاشرة نيتسان هوروفيتش، تحت يافطة اليسار الجديد – ميرتس، فانها لم تدخل أي عربي او عربية في العشرة الاوائل من قائمتها للكنيست. ومن ير ان التصويت لميرتس يعتبر تصويتا لتسيبي ليفني لرئاسة الحكومة لا يمكن ان يكون يساريا، وقد كتبنا وتطرقنا سابقا لهوية ميرتس السياسية. اما في الناحية العربية فقد حدثت بعض التغيرات والظواهر، فالارجح فك الشراكة بين الحركة الاسلامية والحزب الدمقراطي العربي القائمة في القائمة العربية الموحدة، وبوادر انقسام او خروج اوساط من الحركة الاسلامية، بعد عدم انتخاب سلمان ابو احمد مرشحا ثانيا في القائمة، هنالك محاولات لتحالفات وتتسرب اخبار عن احتمال تحالف بين جماعة النائب زكور المنسحب من قائمة الحركة الاسلامية وطلب الصانع من الحزب الدمقراطي العربي والتجمع.

 

اما الجبهة اليهودية – العربية فقد دعت الى حوار جدي مسؤول لاقامة تحالف وفق برنامج كفاحي بمواجهة القضايا الجوهرية ومواجهة اليمين المتطرف والتصعيد الفاشي العنصري المعادي للسلام العادل وللعرب وللدمقراطية، حوار مع قوى لها دورها في المعترك الكفاحي وتقدير مكانة ومكان كل "واد على قد سيله".