news-details

الجيش الإسرائيلي يخلي قواته من خانيونس دون أن يحقق أهدافه الأساسية هناك | عاموس هرئيل

عند نهاية يوم السبت، خرج آخر جنود الجيش الاسرائيلي من خانيونس. بعد حوالي اربعة اشهر انتهت الآن العملية العسكرية في المدينة، التي كانت الثانية من حيث الحجم للجيش الاسرائيلي منذ بداية الحرب. ضابط وثلاثة جنود من لواء الكوماندو، الذين قتلوا، ظهر أمس، في مواجهة مع خلية مسلحة، كانوا القتلى الاسرائيليين الاخيرين في هذه المرحلة من الحرب. عمليا، لم تبق أي قوات عاملة للجيش الاسرائيلي في جنوب القطاع. الجيش يحتفظ بطاقم حربي لوائي واحد من لواء الناحل في القطاع، في الممر الذي يفصل القطاع الى شمال وجنوب. بعض الالوية الاخرى توجد خارج القطاع وهي ستدخل اليه من اجل تنفيذ اقتحامات لمواقع عسكرية لحماس حسب الحاجة.
الجيش الاسرائيلي، وبصورة مبالغ فيها ايضا، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يبرز الآن الانجازات في المعركة ضمن خانيونس، سحق جزء كبير من الكتائب الاربعة اللوائية لحماس في خانيونس، قتل آلاف الاعضاء فيها والمس بالقادة. هذا يحدث قريبا من نشر بيانات عن ستة اشهر من القتال (الجيش، بتقدير غير مبالغ فيه، يعتقد أنه قتل حوالي 12 ألف مخرب في الحرب). ولكن من الجدير الاشارة الى أنه على الاقل حتى الآن هدفي العملية الرئيسين في خانيونس لم يتم تحقيقهما. قائدا حماس البارزان في القطاع، يحيى السنوار ومحمد ضيف، ما زالا أحياء وأحرار. حتى أنه لم يتم احراز أي اختراقة في عمليات التمشيط للبحث عن المخطوفين الاسرائيليين باستثناء انقاذ اثنان من المخطوفين في رفح قبل حوالي شهرين.
لقد وصل الجيش الاسرائيلي والشباك الى الانفاق التي تواجد فيها السنوار طوال الحرب. في هذه الانفاق تم العثور على غرف قيادة لحماس ووثائق شخصية وأدوات للسنوار، وغرف واقفاص تم احتجاز المخطوفين فيها كـ "درع بشري" قربها. منذ ذلك الحين تحرك كما يبدو بين مواقع اخرى في منشأته التي تم حفرها عميقا تحت الارض في خانيونس. من المرجح الافتراض أن السنوار والضيف سيقتلان أو سيعتقلان في نهاية المطاف ازاء الجهود المستثمرة في ذلك. الرجل رقم 3 في المنظمة في القطاع، مروان عيسى، تمت تصفيته في هجوم جوي في الشهر الماضي، بعد أن تجاوز قواعد الأمان المشددة التي تبناها كبار قادة حماس. ربما ستكون هناك اختراقة ايضا بشأن انقاذ مخطوفين. ولكن يجدر قول الحقيقة للجمهور: القتل والدمار الهائلان اللذان تخلفهما قوات الجيش الاسرائيلي في القطاع مع خسائر غير قليلة في طرفنا، لا تقرب في هذه المرحلة تحقيق اهداف الحرب. يمكن ملاحظة التفكيك التدريدي للقدرات العسكرية والسلطوية لحماس، وليس هزيمة قريبة لها. نحن لا نتواجد على بعد خطوة من النصر، كما أكد أمس نتنياهو، بدون أي صلة بالواقع ورغم المعنويات العالية للقادة والجنود الذين بدون صلة بمواقفهم السياسية يشخصون التضليل.

الى أين نحن ذاهبون؟ 

هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة. تصعيد آخر مع ايران وحزب الله في اعقاب انتقام لايران على عملية اغتيال الجنرال حسن مهداوي من حرس الثورة، تقدم مفاجيء في المفاوضات مع حماس حول صفقة تبادل أو عملية عسكرية جديدة في القطاع حيث التوجه الاساسي هو اقتحام رفح (احتمالية بديلة وهي مهاجمة بعض مخيمات اللاحئين في وسط القطاع). اضافة الى النصر المطلق نتنياهو يعد طوال الوقت باحتلال رفح ايضا. صحيح أنه جرت استعدادات عملياتية أولية لذلك، لكن هذه الخطوة تحتاج تركيز جديد للقوات في جنوب القطاع، وبالاساس استكمال خطة ضخمة لاخلاء المدنيين الذين يبلغ عددهم 1.4 مليون شخص، يتجمعون الآن في المدينة.
الجيش الاسرائيلي قام باخلاء في نصف السنة الاخير بالقوة معظم سكان شمال القطاع، وبعد ذلك سكان خانيونس نحو الجنوب. الانسحاب من خانيونس سيمكن عند الحاجة من الانتقال بدون ازعاج للمدنيين من رفح الى الشمال نحو خانيونس. ولكن يبدو أنهم في اسرائيل لا يتعاملون بجدية بما فيه الكفاية مع تغير مواقف الدول الغربية من امكانية احتلال رفح. الادارة الامريكية لم تعد تتردد في التعبير علنا عن معارضتها لذلك. في الاسابيع الاخيرة جرت محادثات بين جهات رفيعة امريكية واسرائيلية حول خطط الجيش الاسرائيلي في رفح. في محادثة مع وزير الدفاع يوآف غالنت تمت مناقشة تفاهمات محتملة؛ يبدو أن محادثة الزوم مع مقربين من رئيس الحكومة، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومستشار الامن القومي تساحي هنغبي، كانت متوترة اكثر.
تحفظ الغرب لا يستند فقط الى الخوف على السكان في رفح. هناك انتقاد آخذ في الازدياد بشأن السياسة الانسانية لاسرائيل والاضرار التي تتسبب بها لسكان القطاع. في الوقت الذي فيه اسرائيل الرسمية تنفيذ وجود جوع في القطاع فان المجتمع الدولي تحول الى منتقد اكثر. قصف قافلة السيارات في الاسبوع الماضي الذي قتل فيه سبعة من عاملي منظمة اغاثة اجنبية بنار مسيرة اسرائيلية سيؤدي الآن الى المزيد من الضغط على اسرائيل من اجل ازالة الاختناقات في نقل المساعدات. عندما سيتم استكمال اقامة الرصيف الامريكي في جنوب مدينة غزة فان الهدف من ذلك هو نقل عبر البحر 2 مليون وجبة في اليوم الى القطاع.

 تفويض للاستماع

المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وحماس حول صفقة تبادل تم استئنافها، أمس، عند ذهاب بعثة اسرائيلية اخرى للمحادثات في القاهرة مع ممثلي دول الوساطة، الولايات المتحدة ومصر وقطر. قبل المحادثات قدمت مصادر سياسية وامنية احاطة لوسائل الاعلام الاسرائيلية وكأنه تقرر في مجلس الحرب اعطاء تفويض اوسع للبعثة بعد فترة طويلة قيد فيها نتنياهو طبيعة المفاوضات. ايضا الولايات المتحدة التي تستخدم ضغط كبير على الطرفين للتقدم نحو انهاء الصفقة، تبث منذ أمس رسائل متفائلة. حتى الآن هذه تسريبات من الجدير في هذه المرة أن تؤخذ بدرجة من التشكك. عمليا، التجربة تعلمنا بأن البعثات الاسرائيلية الاخيرة تم ارسالها في طريقها بالاساس مع تفويض للاستماع. واذا كان بحق هذا هو التفويض فسيكون من الصعب جدا التقدم. يصعب التحرر من الانطباع بأن نتنياهو لم ينحرف عن موقفه. فهو غير متحمس لعقد الصفقة، لكن توجد له مصلحة كبيرة في أن يبث للجمهور في اسرائيل بأنه قد بذل كل الجهود وكانت تلك هي حماس التي افشلت المفاوضات. في هذه الحالة ربما ستهب حماس لمساعدته. السنوار يلاحظ الآن الشرخ الآخذ في الاتساع بين اسرائيل وامريكا، الامر الذي يمكن أن يحثه على التصلب في مواقفه.
حماس تريد حل لثلاث نقاط كجزء من مفاوضات على صفقة بنبضتين، التي فيها سيتم في البداية اطلاق سراح 40 مخطوف، نساء وكبار سن ومصابين. حماس تطالب بوقف اطلاق النار وانسحاب شامل للجيش من القطاع (حتى لو كانت اسرائيل والولايات المتحدة تنوي أن يحدث هذا الامر بشكل مواز للنبضة الثانية التي فيها سيتم اعادة باقي المخطوفين) وانهاء تقسيم القطاع بواسطة الممر. اسرائيل، هذا موقف يؤيده وزير الدفاع ورئيس الاركان، تطلب بعدم السماح لرجال حماس بالعودة من جنوب القطاع الى شماله من خلال اجتياز الممر. ولكن حماس صممت على ذلك، وحتى أنها رفضت مناقشة النسبة العددية لاطلاق سراح السجناء الى أن تتم تسوية هذا الخلاف. هذا من شأنه أن يؤدي الى فشل وتفجير آخر في المحادثات، إلا اذا صمم المفاوضون مع نتنياهو على توسيع التفويض. هذه الخطوة يمكن أن تحث ايضا الوزير غادي ايزنكوت، عضو مجلس الحرب، على اتخاذ أخيرا خطوة علنية خاصة به. الجمهور في اسرائيل ينتظر البشرى، وبالاساس ينتظر المخطوفين الذين يموتون في انفاق حماس في القطاع. نتنياهو، الذي في اقواله أمس ذكر بصعوبة المختطف العاد كتسير من نير عوز الذي تمت اعادة جثته الى البلاد في نهاية الاسبوع الماضي، يظهر انغلاق لذلك في حين أن مؤيديه المتطرفين في الشوارع يقومون بمضايقة مظاهرات أبناء عائلات المخطوفين. ولكن ربما ضغط الجمهور المتزايد سيحرك اخيرا شيء ما لدى بعض اعضاء الكابنت.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب