news-details

بن غفير على حق | ناحوم بارنيع

عندما يعقد رئيس الحكومة جلسة ليقرر الرد على إطلاق اكثر من مئة صاروخ من غزة لا يحتمل ابقاء وزير الامن القومي في الخارج. هو الوزير، هو الامن، هو القومي. لا يتبقى الا ان نسأل كيف يمكن لشخص كهذا ان يتولى منصب الوزير المسؤول عن الشرطة. ليس الفأر هو المذنب بل الثقب هو المذنب

 

بن غفير على حق. عندما يعقد رئيس الحكومة جلسة كي يقرر في الرد على إطلاق اكثر من مئة صاروخ من غزة لا يحتمل ابقاء وزير الامن القومي في الخارج. هو الوزير؛ هو الامن؛ هو القومي. نتنياهو منحه اللقب بإرادته الحرة، على الملأ. لا تقولوا إن اللقب هو تلفيق، شريط ملون يغلف علبة فارغة. انظروا أي شرف يعطي الانجليز للقب. كم هو جميل، كم هو فاخر، انظروا وتعلموا.
كل شيء يعود الى المفاوضات التي ادارها ياريف لفين مع الشركاء المستقبليين. الليكود جاء الى الطاولة وهو محمول على ظهر نصره في الانتخابات. القوة كانت له، الحلف كان طبيعيا، هكذا رووا لنا، وفي الأساس لم يكن لاي من الشركاء ائتلاف آخر. ظاهرا، نشأت فرصة للعودة الى الايام الطيبة التي كان فيها الحزب الحاكم يشغل كل الحقائب الهامة، وكان واضحا للجمهور من يقرر ماذا ولماذا.
حصل العكس. سحابة من الضباب تغطي عملية اتخاذ القرارات خلال شهري تشرين الثاني- كانون الاول من العام الماضي. كيف حصل أن نتنياهو ولفين، شخصان يتميزان بأن المفاوضات السياسية هي خبزهما، استسلما لمطالب شخصيات هامشية مثل بن غفير وسموتريتش. يحتمل أن يكون نتنياهو اقنع نفسه بأنه سيصلح في سياق الطريق ما خرّبه في بدايته. يحتمل أن يكون التشريع القضائي الرائع الذي وعده به لفين أخرجه عن صوابه.
مهما يكن من أمر، فقد أقام حكومة لا تنجح في اداء مهامها، مع ثلاثة وزراء كبار يستغلون علنا القوة التي اعطيت لهم، كي يحققوا اجندات شخصية، عشوائية، بخلاف مصلحة الدولة وبخلاف رأي اغلبية الجمهور. الكثير من الظواهر الغريبة انتجتها لنا الحكومات السابقة الـ 36. حكومة كهذه لم يسبق أن كانت.
من السهل أن نفهم الفوضى الناشئة في وزارة القضاء عزبة لفين، وفي الشرطة عزبة بن غفير. من السهل أن نفهم كيف تحولت وزارة المالية من حارس الصندوق الى راعي المستوطنات وتيارات التعليم الديني والحريديم. جباية الضرائب تهبط؛ التوقعات الاقتصادية قاسية، لكن سموتريتش مقتنع بان كل شيء على ما يرام: هو سيفرغ الصندوق والرب تبارك اسمه سيحرص على ملئه.
القصة في الامن معقدة أكثر. في الاسبوع الماضي، في اثناء البحث حول غزة، حين تمنى الوزراء صور غزيين موتى، احياء مدمرة، جنازات، شيئا ما يتوسط بين تصريحاتهم الحماسية من فترة المعارضة والواقع على الارض، قال الجيش لحظة واحدة. قولوا ما الذي تريدون أن يحصل ونحن ننفذ. أنتم تريدون حربا؟ تفضلوا. هي ستستمر في أفضل الاحوال اسبوعين. ستكلف كذا وكذا. سيكون كذا وكذا مصابين في جانبهم. كذا وكذا في جانبنا. الوضع لن يتغير من الاساس.
لكن الوزراء طلبوا تعزيز قوة الردع. نعم، توجد مشكلة في الردع، تعترف على مسامعهم محافل في الجيش. تواجد الولايات المتحدة في المنطقة آخذ في التضاؤل. عندما تكون ميليشيات ايرانية تهاجم قواعد امريكية، في العراق وفي شمال سورية، الامريكيون يمتنعون عن الرد. اعداؤنا، من طهران وفي بيروت حتى نابلس وغزة يسجلون امامهم حقيقية اضافية: بين البيت الابيض والحكومة في القدس لا يوجد القرب اياه، ولا الحميمية اياها. والى جانب هذا، الازمة الداخلية في اسرائيل. كل هذا يؤثر سلبا على الردع.
السؤال هو: ماذا يردع الاعداء. التقدير السائد في الجيش يقول انهم مردوعون من حرب شاملة، أما من اعمال محدودة فهم مردوعون في هذه اللحظة بقدر أقل. وعليه فيحتمل أن يكون نصرالله بعث بمخرب لينفذ عملية في مفترق مجدو، فقط بعد أن تأكد من أن الامر لن يؤدي الى اشارة الى دور حزب الله؛ حماس سمحت للجهاد بأن يطلق صواريخ من غزة لكنها هي نفسها لم تطلق الا صاروخا مضادا للطائرات. حماس لم تطلق صاروخا واحدا الى الغلاف.
جلس الوزراء وجلسوا، وفي النهاية قرروا ان يكتفوا بقصف مواقع لحماس. عمليا، قبل الوزراء بموقف الجيش. نتنياهو فضل ان يدفع ثمنا سياسيا فوريا، بتهديدات بن غفير وبغضب سكان الغلاف، بدلا من ان يدفع ثمنا بعد ذلك بالقتلى وبالفشل. هذا لن يمنعه، اذا ما وعندما يعود الى المعارضة من أن يعد بانه من اللحظة التي يعود فيها الى الحكم سيبيد كل ذكر لحماس.
ما حصل للوزراء امام الصواريخ من غزة هو فقط مثال. يتبين أنه رغم الدور المكثف لضباط وجنود الاحتياط في الاحتجاج ورغم رفض الجيش الاستسلام للضغوط السياسية، بما فيها ضغوط نتنياهو لمعاقبة ضباط هددوا بالرفض، فإن مكانة قيادة الجيش في اتخاذ القرارات قوية كما كانت دوما. جهاز الامن يوفر لنتنياهو نجاحات على الارض يمكنه أن يلوح بها وجزيرة استقرار وتفكر في داخل الفوضى التي انتجها. هذا ليس قليلا، في حالته.
بالفعل، بن غفير ليس أهلا لان يشارك في مداولات أمنية. هو متسرع جدا، كهاني جدا، منشغل جدا بالانطباع الذي يسعى لان يتركه على ناخبيه. لا يتبقى غير أن نسأل كيف يمكن لمثل هذا الانسان أن يتولى منصب الوزير المسؤول عن الشرطة. ليس الفأر هو المذنب، قال اباؤنا، الثقب هو المذنب. السؤال يعود بالتالي الى أصله: من عينه.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب