news-details

عدد غير مسبوق منذ عقدين للمعتقلين الإداريين الفلسطينيين في سجون الاحتلال| هجار شيزاف

يحتجز في السجون في اسرائيل 971 معتقلًا بدون محاكمة، هذا حتى بداية الشهر الحالي، وهو الرقم الأعلى للمعتقلين الإداريين في العشرين سنة الأخيرة. حسب البيانات التي قدمتها مصلحة السجون لـ موكيد فإنّ 967 من السجناء هم فلسطينيون من مناطق الضفة الغربية ومن سكان شرقي القدس أو عرب اسرائيليين. أربعة من المعتقلين الآخرين هم اسرائيليون يهود. حسب البيانات التي أعطاها الجيش بناء على طلب من "هآرتس" فإنه خلال العام 2022 صادقت المحاكم العسكرية على 90 في المئة من أوامر الاعتقال الإداري التي قدمت لها. وفقط 1 في المئة تم الغاؤها من قبلها. خلافًا للماضي، عندما قدمت السجون معلومات مفصلة أكثر بالنسبة للمعتقلين الإداريين، هذه المرة رفضت مصلحة السجون إعطاء معلومات عنهم، وضمن ذلك كم من بين المعتقلين هم قاصرون، ونساء، وكم منهم من مواطني وسكان اسرائيل.
          الاعتقال الإداري اعتبر وسيلة استثنائية في دول كثيرة في العالم، وفي بعضها هو لا يوجد أبدًا. في اسرائيل يجري استخدام الاعتقال الإداري بالأساس في المناطق المحتلّة وضد الفلسطينيين، في حين أن اعتقالات ادارية لمواطنين اسرائيليين، وخصوصًا يهود، هو أمر نادر. حسب منظمة "حونونو" في الرقم الحالي لأربعة يهود معتقلون اعتقالًا اداريًا هو الأعلى منذ العالم 1994. المعتقلون الإداريون يتم احتجازهم في منشآت الاعتقال الاسرائيلية دون تقديم لوائح اتهام ضدهم. حيث أن هذه العملية تعتبر اعتقالًا وقائيًا. لا تجري اجراءات تقديم أدلة بشأنهم في المحكمة، والمحامون الذين يمثلونهم لا يتم اطلاعهم على الأدلة ضدهم باستثناء مختصر من عدة جمل يسمى "إعادة صياغة مختصرة"، الذي يعرض الاتهامات ضدهم.

هذه الاعتقالات تتم المصادقة عليها من قبل قضاة يتسلمون أمر موقع من قائد المنطقة الوسطى وأيضًا مواد استخبارية سرية عن المعتقل بحضور طرف واحد. بشكل عام، النقاشات في المحاكم بشأن الاعتقال الإداري تكون غير متاحة للجمهور. المحامي ايلي بخار، الذي كان في السابق المستشار القانوني للشاباك يعتقد أنه ربما يمكن أن ننسب ارتفاع عدد المعتقلين الإداريين لضعف السلطة الفلسطينية.   "اذا كانت هناك قوة شرطية فعالة فإنّ من شأنها أن تعالج الجرائم التي تسمى جرائم ارهابية. ولكن في النهاية هذا جزء من تطبيق قانون جنائي في جوهره"، قال بخار.  "لذلك، من غير المفاجئ أنه عندما يكون هناك إضعاف للسلطة الفلسطينية، التي من شأنها أن تقوم بنوع من تطبيق القانون ومنع التصعيد كجزء من دورها، فإنّ الحاجة إلى دولة اسرائيل للقيام بنشاطات أكثر عنفًا تزداد، بالتأكيد عندما يريدون الحفاظ على مستوى معقول من منع العمليات". 

وحسب الجيش فإنه خلال العام 2022 تم إصدار 2076 أمر اعتقال إداريًا ضد فلسطينيين، من بينها نحو 2016 أمر تمت مناقشتها في المحاكم العسكرية، و90 في المئة منها صودق عليها من هذه المحاكم. في 7 في المئة من الحالات التي نوقشت فيها اوامر الاعتقال الاداري تم تقصير فترة الأمر.

 

في السنة الماضية تم الحصول على بيانات عن سنوات سابقة بناء على طلب عضو الكنيست أحمد الطيبي (الجبهة والعربية للتغيير)، الذي قدم استجوابًا لوزير الحرب في حينه بني غانتس. البيانات التي حصل عليها الطيبي لا تشمل توزيعًا بين الأوامر التي أصدرت وبين التي نوقشت فعليًا، وهي جمعت سويا عدد الأوامر التي ألغيت وقصرت، ولكن فحصها يظهر بأن نسبة الأوامر التي تدخلت فيها المحكمة في السنة الماضية كانت عالية مقارنة مع السنوات السابقة. هكذا، حسب البيانات فإنه في 2021 تم تقصير أو الغاء 13 في المئة من الأوامر، وهي النسبة الأقل في الأعوام 2017 – 2021. في العام 2022 في المقابل تم تقصير أو الغاء فقط 8 في المئة، وهي نسبة منخفضة بشكل دراماتيكي. جيسيكا مونتل، المديرة العامة في موكيد لحماية الفرد والتي تتابع حقوق المعتقلين الاداريين، تعتقد أنه من الممكن أن النسبة المنخفضة بشكل خاص ترتبط، ضمن أمور أخرى، بحقيقة أنه بين شهري كانون الثاني وتموز 2022 قاطع المعتقلون الاداريون جلسات المحاكم، لهذا لم يتم إرسال محامين إلى المحاكم، هكذا فإن قدرة المعتقلين الضئيلة على التأثير على ما يجري ضعفت.

 

مونتل أشارت إلى أنه في حين أن عدد المعتقلين الإداريين تضاعف منذ العام 2020، إلا أن العدد الإجمالي للسجناء بقي على حاله بدرجة معينة. "هذا ببساطة سوء استغلال لما كان من شأنه أن يكون استثنائيًا جدًّا"، قالت. حسب البيانات التي قدمتها مصلحة السجون لجمعية موكيد فإنّه حتى بداية الشهر كان هناك 4765 سجينًا معتقلًا أمنيًا في السجون الاسرائيلية. في آذار 2020، للمقارنة، كان هناك 4634 سجينًا ومعتقلًا، بينهم 434 معتقلًا إداريًا. المحامي بخار يضيف بأن ميل المحاكم العسكرية وأيضًا الاسرائيلية هو عدم مواجهة المعلومات الاستخبارية المعروضة عليهم فيما يتعلق بالمعتقل. "يصعب عليهم مواجهة هذا الأمر. كل عملية الاعتقال الإداري تختلف عن الطريقة القانونية التي يوجد فيها طرفان مدعيان. هنا وبصورة حقيقية فقط يوجد جانب واحد مدعي والثاني يحصل على ملخص للتهمة. لذلك، يوجد هنا محاباة تقريبًا تصعب على القاضي انتقاد ما يحدث بصورة شبيهة باجراء قانوني عادي. في كتابه "الشاباك على المحك: الأمن، القضاء وقيم الديمقراطية"، كتب بخار بأن هناك صعوبة في تحديد النقطة الزمنية التي فيها يتم رفع التهديد المنسوب للمعتقل. "نادرة هي الحالات التي يتم فيها الحصول على معلومات إيجابية يظهر منها أن المعتقل تخلى عن طريقه الخطيرة"، كتب في كتابه.

 بخار أضاف أن المحاكم تفضل عدم إصدار حكم يخالف موقف جهاز الأمن، لأنهم بهذا يخاطرون في أن إطلاق سراح المعتقل سيؤدي إلى عمليات إرهابية. مع ذلك فإنه ما زال مقتنعًا بضرورته في المناطق المحتلة. "هذه أداة هامة جدا"، لخص بخار موقفه فيما يتعلق باستخدام الاعتقالات الادارية. "منظومة الاستخبارات ومنظومة القضاء التي وجدت من شأنها أن تعطي اجابة للإشكالية الهيكلية للاعتقال الإداري من أجل ضمان أن لا يكون ذلك اعتقالاً تعسفيًا". مدة الأوامر الإدارية بشكل عام هي 3 – 6 أشهر. ولكن لا يوجد أي تقييد لعدد المرات التي يمكن أن يمدد فيها سريان مفعول هذا الأمر. هكذا فإنّ المعتقل يمكن أن يمكث في الاعتقال الإداري سنوات.

 

أمر اعتقال إداري في المناطق المحتلة يتم التوقيع عليه بالأساس على يد قائد المنطقة الوسطى (فعليا يوقع عليه في الغالب ضابط برتبة عميد)، وفي اسرائيل الصلاحية للتوقيع على أمر اعتقال إداري هي في يد وزير الدفاع. في حين أنه في اسرائيل السلطات ملزمة بتقديم الأمر لاطلاع رئيس محكمة لوائية خلال 48 ساعة منذ لحظة التوقيع عليه، في الضفة يتم تقديم هذا الأمر لقاضي فقط بعد ثمانية أيام، ومن يناقشه هو قاضي عسكري برتبة صغيرة نسبيا. هناك فجوات أخرى بين النقد القضائي للأوامر في الضفة وفي اسرائيل.

 

في اسرائيل ينص القانون على أن الأمر يتم تقديمه لاطلاع آخر بعد فترة لا تزيد على ثلاثة اشهر منذ لحظة الاعتقال، في حين أنه في الضفة القانون يلزم بإجراء اطلاع آخر مرتين في السنة على كل أمر. وهكذا فإنه فعليًا في الغالب ليس هناك اجراء إعادة اطلاع. فجوة أخرى مهمة هي أنه في حين أنه في اسرائيل يحضر الجلسة ممثل الشباك والذي يستطيع القاضي استجوابه فيما يتعلق بالمادة الاستخبارية الموجودة في أساس الاعتقال، فانه في المناطق المحتلة ترسخت ممارسة التي بحسبها المادة الاستخبارية تقدم مكتوبة من قبل المدعي العام بدون حضور الشاباك. في إطار الإجراء الإداري القضاة يفحصون أيضًا أدلة استخبارية غير مقبولة في إجراء المحاكمة الجنائية ومن بينها أدلة سماعية. "في الأساس الاجراء الاداري يمكن أن يكون مختلف كليا عن الجنائي، هذا لا يعني أن يكون اداة لمعاقبة شخص على ما فعله، بل لمنع خطر لا يوجد طريقة اخرى لمنعه"، قالت مونتل. "من الواضح أن هذا ليس الأسلوب الذي تستخدمه اسرائيل للاعتقالات الادارية لأن ذلك يجري مثلما يدار خط الانتاج. أمر الاعتقال هو 3 – 6 اشهر بالضبط. هذا ليس لأنها مناسبة لخطر محدد من هذا الشخص"، قالت. 

مونتل أضافت بأنها واجهت على مر السنين حالات فيها بعد أن تقاعست السلطات عن تمديد احتجاز الشخص في الاجراءات الجنائية، فعلت ذلك من خلال الاعتقال الإداري. على الأغلب ما يحدث هذا النمط في أوساط المعتقلين الفلسطينيين. في الشهر الماضي تعاملوا بنفس الطريقة مع المعتقلين اليهوديين اللذين تم القاء القبض عليهما في أعقاب أعقاب الشغب في حوارة. وبعد أن أطلقت المحكمة سراحهما من المعتقل رغم طلب الشرطة تم نقلهما إلى الاعتقال الإداري.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب