news-details

ليبرمان وورقة الجوكر الأخيرة: العلمانيون في اليمين المتطرف

لا شيء مضمون في السياسة الأخيرة، وبشكل خاص في السنوات الأخيرة، التي تفشى فيها نهج سياسي يطابق عصابات المافيا، والفساد بات مشروعا في الرأي العام الإسرائيلي، الذي ما زال يرى في بنيامين نتنياهو، رغم كل ما يلاحقه من فساد، "خشبة خلاص". 

وأفيغدور ليبرمان الذي يقف في هذه الساعات في مركز الحلبة السياسية، هو أحد عناوين سياسة العصابات، أزعر منفلت، طالته ملفات فساد، وفلت منها، يقود حزبا منذ 20 عاما، قائم على شخصه فقط. وهذه الاستمرارية، هي حالة وحيدة عرفتها السياسة الإسرائيلية، فكل الأحزاب كحزبه، لم تصمد لأكثر من ولاية أو اثنتين، حتى تتلاشى.

ولا أحد يضمن ماذا سيكون حتى مساء اليوم الأربعاء، فكل الاحتمالات واردة: الاتجاه نحو انتخابات معادة، ستكون فيها الاصطفافات مختلفة عما كانت عليه قبل شهرين. أو إيجاد الصيغة التي تسمح بالإعلان عن تشكيل حكومة نتنياهو الخامسة.

ولكن في هذه الصيغة سيكون من سيظهر ضعيفا أمام الرأي العام. وعلى الأغلب فإنه سيكون ليبرمان، الذي سيظهر كمن تراجع عن إصراره على سن قانون تجنيد شبان الحريديم، "الذي صاغه الجيش"، وهي العبارة التي يرددها ليبرمان طيلة الوقت كي يعزز موقفه.

ولكن بالنسبة لشخص ليبرمان فهي ليست قضية التجنيد، فهو ليس هذا المبدئي، صاحب المواقف الحازمة. فكل ما يرتكز عليه في برنامجه السياسي يخونه في اليوم التالي لدخوله للحكومة، باستثناء عنصريته الشرسة ضد العرب على الاطلاق.

ففي اليوم الأول لإدراج القوانين على جدول أعمال الكنيست، في الأيام الأخيرة، طرح حزبه من جديد مشروع قانون لفرض ضريبة إضافية على كل من لا يخدم في الجيش، أو في الخدمة الموازية لها المسماة "الخدمة المدنية". وهذا نموذج لهذه السفالة العنصرية.

وقضية ليبرمان، هو أنه رأى أن هذه الحكومة لا يمكن أن تقوم من دونه، ولكن في ذات الوقت رأى نفسه يحقق أدنى نتيجة له منذ العام 2006. وقرأ تماما، كما في انتخابات 2015، أن جمهور المهاجرين "الجدد"، من دول الاتحاد السوفييتي السابق في العقود الثلاثة الأخيرة، يهجر حزبه تباعا، وفي أي انتخابات لاحقة، سيفقد المزيد، لأسباب عديدة نأتي عليها في عرض أطول.

كذلك، وقد يستغرب الكثير، من حقيقة أن لا قوة للمستوطن أفيغدور ليبرمان، في أوسع مستنقع للعنصرية الشرسة، مستوطنات الضفة، التي هو فيها قوة هامشية.

ولهذا فإن ليبرمان بدأ بعد انتخابات 2015، يصب جهدا على جمهور العلمانيين في اليمين المتطرف، الذي يناهض الحريديم، ويعتبرهم مبتزين للخزينة العامة، ولا يخدمون في الجيش. رغم حاجة اليمين الاستيطاني للحريديم، الذين من دونهم لا أغلبية لحكوماتهم. وهؤلاء قوة موجودة ابتلعها في السنوات الـ 13 الأخيرة حزب الليكود، رغم مغازلته للحريديم دائما.

وهذا جمهور له حضور قوي، ارتكز عليه العنصري البائد رفائيل ايتان في انتخابات 1992. ثم استند عليه حزب "شينوي" بزعامة العنصري البائد يوسيف لبيد (والد النائب الحالي يائير لبيد) في انتخابات 1999 و2003. ولهذا فإن ليبرمان يريد السيطرة على هذا الجمهور، ليظهر وكأنه عنوانه.

ولكن ليبرمان، الذي بدأ بعد انتخابات 2015 بمخاطبة هذا الجمهور، خانه حينما انضم الى حكومة نتنياهو في العام 2016، ولم يفعل كثيرا في مجال قانون تجنيد الحريديم، وفقط حينما لمس أن انتخابات تلوح في الأفق، انسحب من الحكومة، في نهاية تشرين الثاني 2018، ومن بين الأسباب كان قانون التجنيد إياه.

مرّة أخرى، لا أحد يعرف على ماذا سينتهي هذا المساء.

فهل سيتراجع ليبرمان، بالحصول على مكاسب أخرى، أو بفعل ضغوط تشارك فيها أوساط في إدارة دونالد ترامب كما يشاع. أما أنه سيبقى مصرا، ويتم حل الكنيست.

فإذا ما تراجع ليبرمان، فإن همّه المقبل سيكون تهيئة نفسه للانتخابات التالية، التي من الصعب حاليا معرفة متى ستكون.

أما إذا أصر على موقفه، وخلافا لما يزعمه الليكود، فإن الاحتمال الأكبر، أن يحقق ليبرمان قوة إضافية، بمقعد أو اثنين، لأنه سيخوض الانتخابات في حال حصولها، متمسكا براية العلمانية ومناهضة الحريديم، بموازاة مواقفه العنصرية المتطرف، وهي الأساس دائما لديه.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب