news-details

صفعات مهمة لحلحلة وهم السلطان

بعد أن هيمن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المشهد السياسي في بلاده منذ وصوله إلى السلطة قبل 16 عاما، وحكم البلاد بقبضة حديدية، تعرّض هذا الأسبوع لصفعات هامة في الانتخابات المحلية. فحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض، الذي منع اردوغان مرشحيه من التنافس في البرلمان، نجح في انتزاع السيطرة على كبريات المدن وأولها أنقرة واسطنبول وإزمير. وهو ما اعتبره مراقبون "صدمة رمزية ومؤشرا على تضاؤل شعبيته".

هذه رسالة هامة لسياسي منفوخ بالغطرسة. صحيح أنه انتخب ديمقراطيا، ويجب عدم نسيان هذا، لكنه يبدو كمن لا يهمه من الديمقراطية إلا آليتها التي تخدمه ليتمسك بمقعد الحكم، لكنه يدوس أهم ركائزها: منع استبداد الأغلبية وحماية الأقلية وحقوقها من عسفها. هذا انطلاقا من مبدأ أن نيل الأغلبية السلطة لا يعني بأي شكل نيلها حق قمع الأقلية أو تغيير أصول الطريقة السياسية واعلان حكم مطلق. وسلوك أردوغان بعد انتصاراته يستحق الفحص في ضوء ما سلف. فما الذي فعله؟ أودع العشرات من الصحفيين السجون، وحوّل الاعلام والصحافة الى تابع له ما عدا القليل منها، اعتقل وفصل من وظائفهم عشرات الآلاف من الأتراك في سلك الجيش والمدارس والجامعات، وأصبحت تركيا أكثر انقساما من الناحية السياسية من ذي قبل.

هنا يجب الاستدراك والقول إن محاولة الانقلاب الفاشلة شكلت رافعة أخرى للزعيم الاسلاموي التركي كي يغالي أكثر ويتمادى أبعد في مشروعه المصبوب بأحلام السلاطين أكثر منه بالرؤساء  الديمقراطيين. لذلك فإن الصفعات التي تلقاها سلطان أنقرة في أنقرة نفسها وفي كبريات حواضر تركيا يجب أن تكون درسا لكل الشعبويين الديماغوغيين في العالم، بأن الشعوب قد تنطلي عليها لشدة بؤسها وإحباطها أضاليل المستبدين لبعض الوقت، لكن هناك حتما تاريخ انتهاء صلاحية لذلك.. ليت شعوب العالم تتعلم من تجارب بعضها بعضا فتوفر على أنفسها تجريب المُجرَّب الذي ثبت زيفه وضرره لدى سواها.

أخبار ذات صلة